Last Updated on سبتمبر 9, 2024 by Omar Adel
تعتبر مجتمعات التعلم المهنية مفهومًا حديثًا أفرزته خصائص العصر الحديث، من: تطور تكنولوجي هائل، وثورة معرفية لا محدودة، وتغيرات متسارعة. وحتى الأزمات المختلفة التي تعصف بالعالم من حين لآخر، وآخرها جائحة فيروس كورونا المستجد. وأصبح لزامًا على مختلف المؤسسات التعليمية وكافة أطرافها، التعرف على هذا المفهوم الجديد، واكتشاف مزايا مجتمعات التعلم المهنية، ووضعها في حيز التخطيط والتنفيذ. كآلية أثبتت جدارتها في تطوير العملية التعليمية، وتحسين أداء المعلمين والمتعلمين على حد سواء. في هذه المدونة نتناول مفهومها، واستراتيجيات تطبيقها، والعوامل التي تكفل نجاحها داخل أي مؤسسة تعليمية. كما نتعرف على دور الوسائل التكنولوجية المختلفة في بلورتها وتعزيز فاعليتها.
ما هو مفهوم مجتمعات التعلم المهنية؟
تتعدد مفاهيم مجتمعات التعلم المهنية، وتدور جميعها حول مبدأ التعاون الذي يكفل التعلم المستمر، للمعلمين والمتعلمين على حد سواء، هذا المبدأ الذي يمكن اعتباره جوهر مفهوم مجتمعات التعلم المهنية. وتشير مجتمعات التعلم المهنية إلى نوع من المشاركة يحدث بين فريق من المعلمين الذين يُدرّسون نفس المقرر الدراسي. بحيث تستهدف تلك المشاركة تحقيق مجموعة من الأهداف المحددة سلفًا في إطار رؤية مشتركة يصيغها أطراف مجتمع التعلم المهني ويلتفون حولها. وعلى النحو الذي يحقق تطوير مستمر لأداء أطراف مجتمع التعلم المهني، وتجعلهم شركاء عمّا تسفر عنه العملية التعليمية من نتائج إيجابية أو سلبية. وتعد مجتمعات التعلم المهنية واحدة من الركائز التي يُعتمد عليها في تعزيز الجودة في التعليم وتطوير المؤسسات التعليمية، وتحويلها إلى مؤسسات تربوية متكاملة، لا تركز فقط على عملية تعليم الطلاب، بل على عملية تعلمهم. فهناك فارق كبير بين دراسة المنهج المقارن، وبين تطبيقه على بحث حقيقي. أو بين حفظ بنود القانون المدني، وبين ممارسة آلياته في قضايا واقعية. وغير ذلك من أمثلة توضح الفارق الواسع بين التعليم والتعلم. وفي هذا الإطار يتضح جليًا أهمية اكتساب المعلمين للمهارات والمعارف التي تجعلهم قادرين على إيفاء متطلبات عملية تعلم الطلاب. وهذا هو ما يسعى إليه نموذج مجتمعات التعلم المهنية، بما يطرحه من أنشطة وقنوات تواصل وسبل تفاعل، تكفل للمعلمين تبادل مستمر للخبرات والمعارف، واطلاع دائم على أكفأ الممارسات التعليمية. الأمر الذي يساهم في تعزيز دور المعلم وكفاءته، وجعله أقدر على حل المعوقات التي تعترضه خلال العمل. ومن شأن ذلك كله أن يصب في بوتقة تعلم الطلاب، وتذليل صعوبات التعلم التي يعانون منها.
ما هي أهداف مجتمعات التعلم المهنية؟
يعد تحسين عملية التعلم هو الهدف الأساسي لمجتمعات التعلم المهنية، ومنه تنبثق العديد من توصيات المجتمعات المهنية وأهدافها. تلك الأهداف التي تختلف باختلاف المجتمع المهني، كما تختلف في إطار المجتمع المهني الواحد، بناء على المرحلة والظروف التي يمر بها. وتتمثل أبرز أهداف مجتمعات التعلم المهنية، فيما يلي:
- تحفيز التفكير النقدي والإبداعي، ودعم الأنشطة الابتكارية في إطار عملية التعليم.
- بيان دور المهنية في العملية التعليمية، وكيف تسهم في ترسيخ القيم التعليمية المشتركة.
- إكساب المتعلمين مجموعة مختلفة من المهارات الحياتية، على رأسها: مهارات التفاوض والقيادة.
- إيجاد حلول مبتكرة وقابلة للتطبيق بشأن ما يواجه المتعلمين من صعوبات في الاستيعاب أو خلال التقييم، أو غيرها.
- خلق مساحة للتطوير المستمر لمهارات المعلمين وخبراتهم.
- الإفادة من التقنيات التكنولوجية في الحصول على معرفة غير محدودة.
- خلق مجتمعات دراسية تدعم عملية التعلم.
- التطوير الشامل للمنظومة التعليمية على النحو الذي يصب في المصلحة العامة للمجتمع.
ما هي عوامل نجاح مجتمعات التعلم المهنية؟
يتوقف نجاح تلك المجتمعات على مجموعة من أسس مجتمعات التعلم المهنية التي يجب وضعها بعين الاعتبار، وتتمثل تلك الأسس في:
رؤية واضحة ومشتركة
وتشير الرؤية إلى الوضع الذي ترغب المؤسسة التعليمية في الوصول إليه بعد فترة من الزمن. وحتى تكون الرؤية واقعية ويمكن تحقيقها، فيجب أن يلتف حولها أطراف المجتمع المهني، فيشتركون في وضعها ويؤمنون بجدواها، ويبذلون كل جهودهم لإنجاحها. وتمثل الرؤية لبنة جوهرية في نجاح مجتمعات التعلم المهنية، فهي تُترجم إلى مهام وخطوات عملية، ترسم الطريق الذي يتعين قطعه كاملًا حتى يحقق مجتمع التعلم آماله المنشودة.
فرق عمل متعاونة ومتكاملة
والفريق هو العنصر الذي يقع على عاتقه تنفيذ الرؤية، ولهذا يتعين اختياره عناصر كل فريق بدقة، والتأكد من انسجامهم سويًا وقدرتهم على تحقيق مبدأ العمل الجماعي. بالإضافة إلى توفير كافة ما يحتاجه الفريق من وقت وإمكانات ودعم؛ حتى يعتاد هذه الطريقة في العمل، ويرى نتائجها. فوجود فرق عمل متعاونة يعمل على ترسيخ ثقافة التعاون بين المعلمين، والعمل الجماعي يساهم في تعميق خبراتهم وتطوير مهاراتهم وتوسيع مداركهم. كما يساهم في خلق تواصل فعال بين كافة الأطراف داخل المنظومة التعليمية، الأمر الذي يحقق مبدأ الشفافية في معالجة مختلف عقبات وتحديات التعليم. بالإضافة إلى كونه يساهم في خلق مناخ يدعم الإبداع، ويعزز مبدأ المسئولية المشتركة، مما يؤثر إيجابًا على مستوى الأداء العام للمؤسسة.
قيادة رشيدة
والقيادة هنا تشير إلى المسئولين عن إدارة المؤسسة التعليمية، فدورهم حيوي للغاية؛ نظرًا لأن مجتمعات التعلم المهنية تتطلب ذلك الأسلوب الإداري الذي يسمح بمشاركة المعلمين في صياغة وتطبيق رؤية مجتمع التعلم المهني. فلا يستأثر المدير بالإدارة وحده، بل يعزز قيم التعاون ويدعم ممارسات العمل الجماعي داخل المؤسسة. كما يسمح بوجود هامش من الاستقلالية في اختيار وتطبيق الممارسات التدريسية التي يراها المعلم مناسبة لصفه، مما يضاعف من مزايا مجتمعات التعلم المهنية.
مناخ داعم
والمناخ الداعم هنا هو المناخ الذي يرتكز على هيكل تنظيمي مرن وثقافة مدرسية مناسبة. فالهياكل التنظيمية الهيراركية الموجودة في المؤسسات التعليمية، غير جاهزة لمواكبة التطور المستحدث في إطار العملية التعليمية. كما أن الثقافة المدرسية التي لا تدعم مبادئ التعاون والعمل الجماعي والمنافسة الإيجابية، يستحيل معها تأسيس مجتمعات تعلم مهنية، فضلًا عن إنجاحها.
ممارسات متبادلة
يتمثل المعنى الجوهري الذي تسعى مجتمعات التعلم المهنية لترسيخه في التعاون والعمل الجماعي. ولتحقيق هذا المبدأ فلا بد من فتح قنوات اتصال متنوعة وتنفيذ أنشطة تعليمية مختلفة، تساعد في تبادل الخبرات والمعلومات والممارسات التدريسية بين المعلمين. فهذا التبادل هو ما يحقق رؤية مجتمعات التعلم، وينمي خبرات المعلمين، ويعزز عملية التعلم المستمر للمتعلمين.
ما هي استراتيجيات مجتمعات التعلم المهنية؟
هناك أكثر من استراتيجية يُعتمد عليها حتى تتحقق فوائد مجتمعات التعلم المهنية، وتتمثل تلك الاستراتيجيات فيما يلي:
الأنشطة اللاصفية
تقوم استراتيجية الأنشطة اللاصفية على مناقشة موضوعات غير مدرجة ضمن المقرر الدراسي، مثل: تجديد الخطاب الديني، أو عمل المرأة. كما أن الأنشطة المنفذة في إطار تلك الاستراتيجية لا يتم تنفيذها في ساعات اليوم الدراسي. وتستهدف الأنشطة اللاصفية اكتساب معارف ومهارات إضافية إلى تلك الموجودة في المقررات الدراسية، وفي إطار من الحرية.
الدمج
تقوم استراتيجية الدمج على إنشاء نوع من التكامل بين المقررات التعليمية، وأي شكل من أشكال المستجدات التربوية، في أي مجال سواء كان تكنولوجي أو بيئي أو نحوه، مثل: التربية على الحفاظ على المناخ. ومن شأن تلك الاستراتيجية أن تزيد وعي المتعلمين بما يدور في المجتمع من قضايا، وأن تعزز شعورهم بالمسئولية نحوها.
المقررات المستقلة
تقوم استراتيجية المقررات المستقلة على اختيار موضوع ما، مثل: الأمن الغذائي في الدول النامية، أو مستقبل الذكاء الاصطناعي. ثم ترجمة الموضوع إلى مقرر دراسي، فيُدرس في ساعات اليوم الدراسي، وتحدد له أهداف ومفاهيم وأسلوب تدريس ونمط تربوي، وكذلك طريقة لاختبار المتعلمين حوله. وتستهدف تلك الاستراتيجية تدريب المتعلمين على مواكبة المستجدات المحلية والعالمية، وتطوير معرفتهم حولها.
المشروعات التربوية
تقوم استراتيجية المشروعات التربوية على صورة من التعاون بين المؤسسات التعليمية ومؤسسات مجتمعية أخرى، بشأن مشروع تربوي يتم اختياره، مثل: التحول الرقمي أو حقوق الإنسان، ونحوها. وذلك عملًا بمبدأ التعلم بالعمل وتطوير مناطق الاهتمام عند المتعلمين. وتستهدف تلك الاستراتيجية إكساب المتعلمين مجموعة من المهارات، على رأسها: مهارات التفاوض، والتخطيط، واحترام الرأي، والنقد البناء، والشعور بالمسئولية.
ما هي مجتمعات التعلم المهنية عن بعد؟
يعد التطور التكنولوجي أهم ملامح العصر الذي نعيشه؛ لذا كان من الطبيعي أن ينعكس صداه في كل المجالات، وأن يترك بصمته على كافة المفاهيم والممارسات، ومن هذا المنطلق ظهرت مجتمعات التعلم المهنية عن بعد. وهي تشير إلى المشاركة الجماعية المستمرة القائمة بين مجموعات من المعلمين، في حلقات دورية من البحوث الإجرائية والجماعية. بهدف تعميق الخبرات وتبادل الممارسات التعليمية وتطويرها، على النحو الذي يعزز جودة العملية التعليمية، ويطور معدلات استيعاب المتعلمين. وترتكز تلك المجتمعات على فرضية التطوير المستمر لمهارات وخبرات المعلمين، الذي يساهم بالتبعية في تطوير مستوى المتعلمين. وليس هناك أكثر فعالية من التكنولوجيا الرقمية لتعزيز إمكانات المعلمين؛ بما تتيحه من معرفة غزيرة لا تعوقها أية حواجز زمانية أو مكانية. فيستطيع المعلمون الوصول إلى كافة ما يحتاجون إليه من معارف ومعلومات بسهولة شديدة، ومن أي مكان. كما يستطيعون التواصل مع أقرانهم في أي مكان في العالم، والنقاش معهم حول أحدث ما توصلوا إليه، والاطلاع على تجاربهم المختلفة في التدريس وفي تحليل نتائج الطلاب، والاستفادة منها. من شأن ذلك كله أن يُثري العملية التعليمية بكل عناصرها، ويجعلها أكثر قدرة على مواكبة متطلبات العصر الحديث ومواجهة تحدياته. وعلى النحو الذي يكفل تطور دائم لمستوى المتعلمين، وتذليل ما يعترضهم من صعوبات مختلفة.
فوائد مجتمعات التعلم المهنية
تقدم مجتمعات التعلم المهنية الإلكترونية آلية تكنولوجية فعالة لتطوير الممارسات التعليمية، وتحقيق التطور المنشود في خبرات وإمكانات المعلمين والمتعلمين. وتتمثل أبرز فوائدها، فيما يلي:
تحقيق تواصل فعال ومباشر بين المعلمين حول العالم
التواصل الجيد أحد الركائز الأساسية التي يحتاجها المعلمون لإجراء النقاشات المختلفة وتبادل الآراء بشأن كل ما يتعلق بالعملية التعليمية، من مقررات دراسية، وممارسات تعليمية، وطرق تقييم، ونحوها.
تأسيس روابط عميقة بين أطراف مجتمعات التعلم المهنية
الهدف الرئيسي الذي تسعى مجتمعات التعلم لتحقيقه، يتمثل في تعلم الطلاب. ويتطلب ذلك تواصل دائم وحديث لا ينقطع بين المعلمين من كل مكان؛ لرسم المسار العملي لبلوغ هذا الهدف بأكثر من طريقة.
إبقاء المعلمين على اطلاع دائم بكل جديد في قطاع التعليم
فبفضل التكنولوجيا أصبح المعلم في مصر على اطلاع بكل النظريات والأدوات البحثية الحديثة التي توصل إليها المعلم في أمريكا. كما رسمت وسائل التواصل الاجتماعي مسارًا رائعًا ودائمًا للتواصل بين المعلمين، بما يساعدهم على تبادل الخبرات والتجارب، ويحفزهم على الإبداع. ولا شك أن كل تطور في مستوى المعلم أو في جودة العملية التعليمية، سينعكس على مستوى المتعلم، وعلى مستوى المجتمع ككل! وحتى تنجح تلك المجتمعات في تحقيق أهدافها بفاعلية؛ فيتعين ترسيخ وعي قوي بجدواها للمؤسسة التعليمية. بالإضافة إلى توفير كافة متطلباتها سواء كانت موارد مالية، أو دعم مجتمعي، أو تدريب للمعلمين على التعامل مع الأنظمة الإلكترونية المختلفة، ونحو ذلك.
كيف يساهم نظام ريمارك أوفيس في تعزيز فاعلية مجتمعات التعلم المهنية؟
تقيس مجتمعات التعلم المهنية مدى فعاليتها ونجاحها، بناء على تقييم الطلاب وتحليل نتائجهم؛ فكما أفردنا سابقًا أن هدفها الجوهري هو تطوير المستوى التحصيلي للمتعلمين. وفي ضوء ذلك تعمل كل مجموعة من المعلمين على قياس مستوى تحصيل المتعلمين الفعلي، ويضعون الخطط لتطوير المستوى. ويعملون على تطبيق تلك الخطط، ويوردون ما يفيد بنجاح أو عدم نجاحها. ولهذا تصبح بيانات نتائج الطلاب، مؤشر حقيقي للحكم على مدى التطور في مستوى تحصيلهم. ويمكن لنظام ريمارك أوفيس تزويدك بكافة هذه البيانات، من خلال قيامه بتصحيح تقييمات الطلاب بدقة وبسرعة. بالإضافة إلى تزويدك بتحليلات سيكومترية موضوعية بشأن أداء الطلاب. وبهذا الشكل تتمكن من مقارنة نتائج الطلاب ببعضهم، ووضع يدك على أوجه القصور ومعالجتها. يمكنك زيارة موقعنا الإلكتروني الآن ومعرفة المزيد حول برنامج ريمارك أوفيس!
المراجع:
https://www.un.org/ar/climatechange/climate-solutions/education-key-addressing-climate-changehttps://alnaba.news/?p=65857
https://www.globalpartnership.org/blog/7-recommendations-improve-teacher-professional-development-fragile-contexts